سورة البينة كاملة. القرآن الكريم/سورة البينة

يعني: هم يقيمون على كفرهم وإن رأوا ما يدل على خلافه يقول: فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، قوله: كُتُبٌ أي: مكتوب، يعني: ما في مضامينها؛ ولهذا فسر بالآيات، وفسر بالأحكام باعتبار أصل المادة: الكَتْبُ، فهي: الأحكام التي في مضامينها، والآيات
يعني: هذا النعيم المقيم في جنات عدن، أي: جنات الإقامة، والرضا، والخلود، كل ذلك لمن هي؟ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ، يعني: لأهل الخشية، والخشية عرفنا أنها: خوف خاص، وهو: خوف بعلم من المخوف منه، فدل ذلك على عظم شأن الخشية، وأنها بمنزلة في الإيمان، وأنها من أعظم شعبه

فإذا وقع هذا الاختلاف الذي يدعو إلى التدابر والتقاطع والتناحر ممن يدعون أنهم جميعًا يرجعون إلى مشكاة الوحي فهذا يدل على أنه قد دخل الهوى والبغي والظلم، فوقع بينهم هذا التفرق، وتصير الطائفة الواحدة طوائف متعادية متنافرة للأسف.

3
القرآن الكريم/سورة البينة
وهناك ذكرنا أن أصل الحَنَف كما يقولون هو: الميل؛ لذلك يقال: فلان أحنف الساقين، وروي: أن أم الأحنف بن قيس كانت ترقصه وهو صغير، وتقول: واللهِ لولا حَنَفٌ في رجلهِ ما كان في فتيانكم مِن مثلهِ فهذا الحَنَف، ومعناه هنا: أنه مائل عن سائر الأديان إلى دين الإسلام، ومائل عن الشرك إلى التوحيد
سورة البينة مكتوبة كاملة
الطاهر بن عاشور -رحمه الله- أرجع هذه الأقوال الكثيرة في الآية إلى خمسة، فهو يرى: أنها ترجع إليها، وتدور عليها، وهذه هي الأقوال الخمسة، يقول: "الأول: تأويل الجملة بأسرها، بأن يؤول الخبر إلى معنى التوبيخ والتعجيب
قراءة سورة البينة مكتوبة كاملة بالتشكيل اختر الخط 日 2021 日
قال -رحمه الله: وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وهي: أشرف عبادات البدن، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وهي: الإحسان إلى الفقراء والمحاويج، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أي: الملة القائمة العادلة، أو الأمة المستقيمة المعتدلة
آخر تفسير سورة لم يكن، ولله الحمد والمنة
، أو منفكين عن الحياة، أي: هالكين ولهذا فإن الاشتغال بها هو: اشتغال بالفضول من العلم، يعني: ليست من صلب العلم، وليست من ملح العلم، بل هي من فضول العلم، أي: المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، يعني: أيهما أفضل؟ فهذا لا يترتب عليه عمل، والمؤمن إنما يُقبل ويشتغل بما يترتب عليه عمل، وبما ينفع، وبما يكون له أثر، أما هذه القضايا التي تئول إلى جدل فحسب فلا خير في الاشتغال فيها، مع أن قوله هنا: أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ إذا قيل: إن البرية هنا مأخوذة من البراء الذي هو: التراب، فهنا لا يدخل الملائكة، وإنما يكون ذلك فيمن خلق من تراب، مع أن هذا فيه بعد

وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة؛ لقوله: أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

14
سورة الإنسان مكتوبة كاملة بالشكل
القرآن الكريم/سورة البينة
فصاحب المعجم الوسيط هو الوحيد -فيمن وقفت عليه- الذي ذكر القِيَم بالمعنى الذي يريده المتحدثون عن القِيَم في هذا العصر؛ ولذلك هذا الإطلاق بمعنى: الشيء الذي له قيمة، أو نحو ذلك من الأخلاق، أو كليات الشريعة، أو نحو هذا، هذا الإطلاق إنما شاع في هذا العصر، كقولك: المحافظة على القيم والمبادئ، ونحو ذلك، فهذا لا يكاد يوجد في كلام المتقدمين، وفي استعمالات أهل العلم، وفي كتب اللغة، ولا مشاحّة في الاصطلاح إذا فهم المعنى
سورة البينة كاملة مكتوبة بالشكل
وربما يقع من قبل البعض بسبب الجهل، فيظن أن هذه الأمور توجب التفرق، فهذا قد يوجد، ولكن الغالب في هذا إنما هو الهوى والبغي والظلم، وإلا لو رجع هؤلاء إلى أنفسهم، ونظروا فيما يختلفون فيه فقط لاتفقوا واجتمعوا، فهم يتفقون على اعتقاد أهل السنة والجماعة، وأن الوحي الكتاب والسنة هو المصدر الرئيس، ثم ما يكمل ذلك وهو الإجماع، فكل هذه الأشياء يتفقون عليها، والكتب التي يَدْرُسونها ويُدَرِّسونها واحدة، إذًا فما هذا التنازع والتفرق والتدابر؟ إنما هو البغي والظلم والهوى، فهذا المثلث هو: السبب الحقيقي، وإلا فأهل السنة لا توجد بينهم اختلافات إلا في أمور اجتهادية، لكن حينما تتحول هذه الأمور الاجتهادية إلى سبب للتضليل والرمي بالعظائم فهذا معناه: أنه دخل الهوى، والدليل على هذا: أن هذا الأمر نفسه قد يصدر من آخر ولا يُرمى بهذه العظائم، ويصدر من هذا فيرمى بالزندقة، فالهوى والبغي والظلم هو الذي يحكم به، وإلا فنفس هذا الكلام ونفس هذا الرأي قد يصدر من ذلك الآخر فلا يقال عنه شيء، بل قد يقال عنه: إنه إمام أهل السنة والجماعة، ويصدر من هذا ويقال عنه: زنديق، وهل للهوى معنى غير هذا؟ لذلك يجعلون أمورًا واشتراطات وأشياء أخرى من لا يحققها فإن كل ما يعمله في هذا السبيل إنما هو باطل، وفي المقابل قد يعمل نفس العمل آخرون وتضاف إليهم أبلغ الأوصاف، وأحسن الصفات، ذلك العمل نفسه الذي لم تتحقق فيه تلك الاشتراطات التي ذكرت، ولا وجود لشيء منها في كلام أهل العلم، لماذا هذا؟! يعني: هم أشر البرية، وأكثرها شرًّا فنقول للذين ينظرون إلى ما يوجد من نقص وتقصير وأخطاء وانحرافات في هذه الأمة نقول لهم: يوجد عند غيرهم أضعاف ذلك، كما يقال في أهل السنة: إن الذي يوجد فيهم من تقصير، وما يوجد فيهم من نقص، وما يوجد فيهم من مخالفات يوجد عند غيرهم من الطوائف أضعاف ذلك
انظر: قول ابن كثير هنا غير قول ابن جرير، وعلى كلٍّ فقول ابن جرير وقول ابن كثير هما أقرب الأقوال في تفسير الآية، فهذه الأقوال الكثيرة أقربها قولان: ما ذكره ابن كثير، وما ذكره ابن جرير، وما ذكره ابن كثير كأنه أقرب من قول ابن جرير، والله أعلم، أي: أنهم لن يبرحوا ولن يزالوا على هذا الكفر والضلال حتى يأتي ما يخلصهم منه، ويوضح لهم الحق، ويحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، والعلم عند الله وكان في بعض أهل الكتاب الذين آمنوا

يقول: "وإلى هذا ذهب الفراء ونفطويه والزمخشري.

30
سورة الإنسان مكتوبة كاملة بالشكل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ 1 رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً 2 فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ 3 وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ 4 وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ 5 إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ 6 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ 7 جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ 8 السورة السابقة: سورة البينة السورة التالية: ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ١٠ ١١ ١٢ ١٣ ١٤ ١٥ ١٦ ١٧ ١٨ ١٩ ٢٠ ٢١ ٢٢ ٢٣ ٢٤ ٢٥ ٢٦ ٢٧ ٢٨ ٢٩ ٣٠ ٣١ ٣٢ ٣٣ ٣٤ ٣٥ ٣٦ ٣٧ ٣٨ ٣٩ ٤٠ ٤١ ٤٢ ٤٣ ٤٤ ٤٥ ٤٦ ٤٧ ٤٨ ٤٩ ٥٠ ٥١ ٥٢ ٥٣ ٥٤ ٥٥ ٥٦ ٥٧ ٥٨ ٥٩ ٦٠ ٦١ ٦٢ ٦٣ ٦٤ ٦٥ ٦٦ ٦٧ ٦٨ ٦٩ ٧٠ ٧١ ٧٢ ٧٣ ٧٤ ٧٥ ٧٦ ٧٧ ٧٨ ٧٩ ٨٠ ٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ٨٦ ٨٧ ٨٨ ٨٩ ٩٠ ٩١ ٩٢ ٩٣ ٩٤ ٩٥ ٩٦ ٩٧ ٩٨ ٩٩ ١٠٠ ١٠١ ١٠٢ ١٠٣ ١٠٤ ١٠٥ ١٠٦ ١٠٧ ١٠٨ ١٠٩ ١١٠ ١١١ ١١٢ ١١٣ ١١٤
سورة البينة مكتوبة كاملة بالحركات والتشكيل
يعني: دِينُ الْقَيِّمَةِ صار بهذا الاعتبار: صفة لموصوف محذوف، أي: دين الأمة القائمة المعتدلة مثلاً، أو دين الملة القائمة، وهو هنا ذكر هذا وهذا، وعرفنا أن القيمة يعني: المستقيمة، وتأتي بمعنى: القائمة، والقائمة يعني: بالعدل والحق والشهادة على الخلق، فيكون صفة لموصوف محذوف، ولكن هذا الموصوف المحذوف هل هو الملة مثلاً، الملة القائمة العادلة كما يقوله الخليل بن أحمد؟ انظر إلى قوله تعالى: دِينُ الْقَيِّمَةِ ترى أنه هنا أضاف الدين إلى القيمة، أي: أضافه إلى صفته، يعني: هذا من قبيل الإضافة إلى الصفة، أي: الدين المستقيم، فهو أضافه إلى صفته لاختلاف اللفظين، فهل هذا من إضافة الشيء إلى نفسه مثلاً لاختلاف الألفاظ؟ هو في الواقع من إضافة الشيء إلى نفسه، لكن لما اختلف اللفظ جاءت هذه الإضافة؛ للإيضاح، والهاء في قوله: الْقَيِّمَةِ هنا دخلت هذه الهاء للمبالغة والمدح، وبنحو هذا قول ابن جرير -رحمه الله، أعني: أن ذلك من قبيل الإضافة إلى الصفة لمّا اختلفت الألفاظ، فقوله: دِينُ الْقَيِّمَةِ يعني: الدين المستقيم، أي: دين الاستقامة، وما عداه فهو الضلال والانحراف
سورة البينة مكتوبة كاملة
وذكر الزكاة فيها وأهل الكتاب لايعتبر قرينة مانعة