يعني: هم يقيمون على كفرهم وإن رأوا ما يدل على خلافه | يقول: فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، قوله: كُتُبٌ أي: مكتوب، يعني: ما في مضامينها؛ ولهذا فسر بالآيات، وفسر بالأحكام باعتبار أصل المادة: الكَتْبُ، فهي: الأحكام التي في مضامينها، والآيات |
---|---|
يعني: هذا النعيم المقيم في جنات عدن، أي: جنات الإقامة، والرضا، والخلود، كل ذلك لمن هي؟ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ، يعني: لأهل الخشية، والخشية عرفنا أنها: خوف خاص، وهو: خوف بعلم من المخوف منه، فدل ذلك على عظم شأن الخشية، وأنها بمنزلة في الإيمان، وأنها من أعظم شعبه |
فإذا وقع هذا الاختلاف الذي يدعو إلى التدابر والتقاطع والتناحر ممن يدعون أنهم جميعًا يرجعون إلى مشكاة الوحي فهذا يدل على أنه قد دخل الهوى والبغي والظلم، فوقع بينهم هذا التفرق، وتصير الطائفة الواحدة طوائف متعادية متنافرة للأسف.
3آخر تفسير سورة لم يكن، ولله الحمد والمنة | |
---|---|
، أو منفكين عن الحياة، أي: هالكين | ولهذا فإن الاشتغال بها هو: اشتغال بالفضول من العلم، يعني: ليست من صلب العلم، وليست من ملح العلم، بل هي من فضول العلم، أي: المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، يعني: أيهما أفضل؟ فهذا لا يترتب عليه عمل، والمؤمن إنما يُقبل ويشتغل بما يترتب عليه عمل، وبما ينفع، وبما يكون له أثر، أما هذه القضايا التي تئول إلى جدل فحسب فلا خير في الاشتغال فيها، مع أن قوله هنا: أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ إذا قيل: إن البرية هنا مأخوذة من البراء الذي هو: التراب، فهنا لا يدخل الملائكة، وإنما يكون ذلك فيمن خلق من تراب، مع أن هذا فيه بعد |
وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة؛ لقوله: أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
14وربما يقع من قبل البعض بسبب الجهل، فيظن أن هذه الأمور توجب التفرق، فهذا قد يوجد، ولكن الغالب في هذا إنما هو الهوى والبغي والظلم، وإلا لو رجع هؤلاء إلى أنفسهم، ونظروا فيما يختلفون فيه فقط لاتفقوا واجتمعوا، فهم يتفقون على اعتقاد أهل السنة والجماعة، وأن الوحي الكتاب والسنة هو المصدر الرئيس، ثم ما يكمل ذلك وهو الإجماع، فكل هذه الأشياء يتفقون عليها، والكتب التي يَدْرُسونها ويُدَرِّسونها واحدة، إذًا فما هذا التنازع والتفرق والتدابر؟ إنما هو البغي والظلم والهوى، فهذا المثلث هو: السبب الحقيقي، وإلا فأهل السنة لا توجد بينهم اختلافات إلا في أمور اجتهادية، لكن حينما تتحول هذه الأمور الاجتهادية إلى سبب للتضليل والرمي بالعظائم فهذا معناه: أنه دخل الهوى، والدليل على هذا: أن هذا الأمر نفسه قد يصدر من آخر ولا يُرمى بهذه العظائم، ويصدر من هذا فيرمى بالزندقة، فالهوى والبغي والظلم هو الذي يحكم به، وإلا فنفس هذا الكلام ونفس هذا الرأي قد يصدر من ذلك الآخر فلا يقال عنه شيء، بل قد يقال عنه: إنه إمام أهل السنة والجماعة، ويصدر من هذا ويقال عنه: زنديق، وهل للهوى معنى غير هذا؟ لذلك يجعلون أمورًا واشتراطات وأشياء أخرى من لا يحققها فإن كل ما يعمله في هذا السبيل إنما هو باطل، وفي المقابل قد يعمل نفس العمل آخرون وتضاف إليهم أبلغ الأوصاف، وأحسن الصفات، ذلك العمل نفسه الذي لم تتحقق فيه تلك الاشتراطات التي ذكرت، ولا وجود لشيء منها في كلام أهل العلم، لماذا هذا؟! يعني: هم أشر البرية، وأكثرها شرًّا | فنقول للذين ينظرون إلى ما يوجد من نقص وتقصير وأخطاء وانحرافات في هذه الأمة نقول لهم: يوجد عند غيرهم أضعاف ذلك، كما يقال في أهل السنة: إن الذي يوجد فيهم من تقصير، وما يوجد فيهم من نقص، وما يوجد فيهم من مخالفات يوجد عند غيرهم من الطوائف أضعاف ذلك |
---|---|
انظر: قول ابن كثير هنا غير قول ابن جرير، وعلى كلٍّ فقول ابن جرير وقول ابن كثير هما أقرب الأقوال في تفسير الآية، فهذه الأقوال الكثيرة أقربها قولان: ما ذكره ابن كثير، وما ذكره ابن جرير، وما ذكره ابن كثير كأنه أقرب من قول ابن جرير، والله أعلم، أي: أنهم لن يبرحوا ولن يزالوا على هذا الكفر والضلال حتى يأتي ما يخلصهم منه، ويوضح لهم الحق، ويحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، والعلم عند الله | وكان في بعض أهل الكتاب الذين آمنوا |
يقول: "وإلى هذا ذهب الفراء ونفطويه والزمخشري.
30