المقدّمة الثالثة "حدود العقل" إنّ التفكير العقلي يقود أي إنسان إلى الإقرار بعجزه عن إيجاد إجابة عن هذا السؤال؛ ذلك أنّ العقل لا يمكنه العمل إلا في إطار من الزمان والمكان، وفيما بين أيدينا من مُعطيات زمانية مكانية لا نجد إجابة عن هذا السؤال، فهو متعلّق بالله سبحانه، والله سبحانه لا يحدّه الزمان والمكان اللذان نعيش فيهما في هذه الدنيا | ندبك الله لعبادات، ثم فتح لك أبواب الخيرات، فخُذ مِن كل خير بنصيب، وَجِدَّ في كل ما يُصلح قلبك، واستثمر مواسم البر والخير؛ أيامك معدودة، وأنفاسك محدودة، وسرعان ما يغادر الإنسان، صحتك، عافيتك، مالك، قوتك، جاهك، ولدك، أملاكك، كلها ستذهب، أو ستذهب أنت عنها، فالناس إذا انقطعت آجالهم تبعهم ثلاثة: مال، وأهل، وعمل، يرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع الأهل والمال، لا سبيل إلى اصطحابه معك إلى الدار الآخرة، ويبقى العمل، والعمل قرين لا ينفك عنك: { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ} يعني: عمله {وَ كُلَّ إِنْسَانٍ } أنا وأنت { أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} ليس هناك انفكاك عنه { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} ، ليس هناك كلفة في التفتيش والتصفح، منشور يُمد، ما يكون من سجلات عملك، بدون عناء تقف على أعمالك: { كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} ، فدَوِّنْ خيرًا تجدْه يوم القيامة، وتَوَقَّ شرًّا تفرح به يوم القيامة |
---|---|
والجواب بالخارج القديم الأزلي أو الجواب الذي يرجع لخارج قديم أزلي لو افترضناه فهو إضافة إلى كونه يعني تعدد القدماء، فهو سيكون محلاً للحوادث إذا كان الخلق فيه، وهذا يعني إنه حادث له بداية وقديم أزلي في نفس الوقت، وهذا الأمر محال فلا يمكن أن يكون الشيء حادثاً وقديماً | اللهم أَعِنَّا على الطاعة والإحسان |
أساسا، خلق الله كل شيىء من أجل إظهار صفاته.
30لكن بما أن الثبات على المنهج القويم يؤذي في النهاية إلى إسعاد البشر، لماذا لم يتفضَّل الله علينا بالدخول إلى الجنة مباشرة دون تكليف ومشقة في الدنيا؟ هنا يجب التفريق بين العطاء والإتيان، فالعطاء هو هبة غير مستحقة، أما الإتيان يكون للأشياء العظيمة | العبادة ليست قيامًا بفرضٍ فَرَضَه الله عليك ينتفع منه، بل العبادة قيامٌ بما فيه صلاحك، ونجاحك، بما فيه سعادتك وطمأنينتك، أنت الرابح من كل طاعةٍ وعبادةٍ، وأنت الخاسر بتركك كل أمر أو نهي أمرك الله تعالى به امتثالًا، ونهاك عنه تركًا |
---|---|
وفي عصرنا هذا، تشيعُ مع الأسف خصالٌ من هذا "التألّه"، حتى لو كان أصحابها غير شاعرين بهذا الأمر |
.
25