ويرى أبو حنيفة أن سهم هؤلاء قد انقطع بإعزاز الله الإسلام، واحتج بأن مشركا جاء يلتمس من عمر مالا فلم يعطه وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وبأنه لم ينقل أن عثمان وعليا أعطيا أحدا من هذا النوع | وقد جرت سنته بأن الأمم التي لا تدافع عن نفسها ولا تحمى ذمارها، لابقاء لها، وتكون طعاما للآكلين، وغذاء شهيا للمستعمرين |
---|---|
وفي الآية إيماء إلى أن التقليد في الدين غير كاف، وأنه لا بد من النظر والاستدلال، لأنه لو كان كافيا لوجب ألا يهمل الكافر، بل يقال له: إما أن تؤمن وإما أن نقتلك، فأمهلناه ليحصل له النظر والاستدلال فإن ظهر على المشرك علامات القبول للحق ببحثه عن الدليل والتفكير فيه أمهل وترك، وإن ظهر أنه معرض عن الحق لم يلتفت إليه ووجب تبليغه إلى مأمنه | وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ أي وإن خفتم فقرا بسبب قلة جلب الأقوات، وضروب التجارات التي كان يجلبها المشركون من أرباب المزارع في الشعاب والوديان من البلاد ذات البساتين والمزارع كالطائف وأرباب المتاجر - فسوف يغنيكم الله من فضله، وفضله كثير، فقد صاروا بعد الإسلام ومنع المشركين من الحرم أغنى مما كانوا قبل ذلك، فقد تعددت وسائل الغنى فيما بعد، وصدق الله وعده فأسلم أهل اليمن وصاروا يجلبون لهم الطعام، وأسلم أولئك المشركون ولم يبق أحد منهم يمنع من الحرم، ثم جاءتهم الثروة من كل جانب بما فتح الله عليهم من البلاد فكثرت الغنائم وتوجه إليهم الناس من كل فج، ومهد الله لهم سبل الرزق من إمارة وتجارة وزراعة وصناعة، وكان نصيب مكة من ذلك عظيما بكثرة الحاج وأمن طرق التجارة |
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أي واسع العلم بشئون عباده وأحوالهم من إيمان وكفر وإخلاص ونفاق، تامّ الحكمة فيما شرعه لهم، وفى جزائهم من نعيم مقيم، أو عذاب أليم.
23وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ أي إنك إن سألتهم عن أقوالهم هذه يعتذرون عنها بأنهم لم يكونوا فيها جادّين ولا منكرين، بل هازلين لاعبين للتسلى والتلهي، وكانوا يظنون أن هذا عذر مقبول لجهلهم أن اتخاذ الدين هزوا ولعبا كفر محض كما قال تعالى: « فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ » وقال: « فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ | ولا يوجد فيما بين أيدي اليهود والنصارى من التوراة نصوص صريحة في البعث والجزاء بعد الموت، بل فيها إشارات غير صريحة في ذلك |
---|---|
وقد كان الفراغ من مسوّدة هذا الجزء في الحادي عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة بمدينة حلوان من أرباض القاهرة، وله الحمد أولا وآخرا | هي طريق معرفته الصحيحة وعبادته القويمة، وأساس ذلك التوحيد والتنزيه، والكنز هنا: خزن الدنانير والدراهم في الصناديق، أو دفنها في التراب مع الامتناع عن الإنفاق فيما شرعه الله من البر والخير، ويحمى عليها: أي تضرم عليها النار الحامية حتى تصير مثلها |
غزوة أحد: سببها أن بعض زعماء قريش ممن لم يقتلوا في غزوة بدر اجتمع رأيهم على الثأر لقتلاهم في بدر وأخرجوا معهم النساء حتى لا يتراجعوا وكان عددهم حوالي الثلاثة آلاف مقاتل، وعلم بخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاستشار المسلمين فكان رأي البعض البقاء في المدينة والبعض رأيه الخروج فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم بألف من أصحابه في السنة الثالثة من الهجرة وتراجع المنافقون بعدما خرجوا واقترح بعض الصحابة الاستعانة باليهود بناءً على ما بينهم من ميثاق فرفض وعسكر في الشعب من أحد والمسلمون لا يزيدون على سبعمائة مقاتل وعيَّن النبي صلى الله عليه وسلّم خمسين رامياً على الجبل لحماية ظهر المسلمين وأمرهم بعدم مغادرة مواقعهم مهما حدث، فاقتتل الناس وحميت الحرب وكان المسلمون هم المتقدمون حتى انهزم المشركون ونساؤهم يدعون بالويل، وتبعهم المسلمون يقتلون ويغنمون فنزل الرماة وبقي بعضهم ممتثلين أمر النبي صلى الله عليه وسلّم فلاحظ خالد بن الوليد قبل إسلامه خلو الجبل وقلة أهله فالتف عليهم وقتل الرماة وهجم على بقية الجيش وتأذى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وشاع بين الناس أن رسول الله قتل فحصل اضطراب بين المسلمين ثم هدأت الحرب ورجع المشركون وقد زهدوا بالنصر الذي أحرزوه ودفن المسلمون شهداءهم وكان فيهم الحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلّم ومصعب بن عمير رضي الله عنهم وأخذ اليهود والمنافقون يظهرون الشماتة بالمسلمين.
18