أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يديم علينا نعمه، وأن يدفع عنا نِقَمه، وأن يجعلنا من المعافين من سخطه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه | أما بعدُ: هذا الحديث الجليل العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتَحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك |
---|---|
وتحوُّلُ العافية في البدن يكون من القوة إلى الضعف, ومن الصحة إلى المرض |
وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك" رواه مسلم.
8قوله: وجميع سخطك : أي ألتجئ وأعتصم إليك أن تعيذني من جميع الأسباب الموجبة لسخطك جلّ شأنك؛ فإنّ من سخطت عليه فقد خاب وخسر، ولو كان في أدنى شيء، وبأيسر سبب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وجميع سخطك ، فهي استعاذة من جميع أسباب سبحانه وتعالى من الأقوال والأفعال والأعمال، وإذا انتفت الأسباب المقتضية للسخط حصلت أضدادها وهو الرضى | الخطبة الثانية: الحمد لله مجيب الدعوات، ومغيث اللهفات، ومقيل العثرات، وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرض والسماوات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المؤيَّد بالمعجزات صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا على مر الدقائق والساعات |
---|---|
وإذا وضع الطعام فرفعته بيدك ووضعته في فمك، فقل: يارب أعوذ بك من زوال نعمتك؛ فهناك من يوضع له أنبوب في أنفه أو فمه ليدخل إليه منه الطعام أو الشراب | الخطبة الأولى: الحمد لله مسدي النعم، ودافع النقم، ومبيد العصاة من الأمم، من سار على نهجه غنم وسلم، ومن لاذ عن سواء السبيل هلك وندم، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم |
عباد الله: آخر كلمة في هذا الحديث العظيم في قوله -صلى الله عليه وسلم- " وأعوذ بك من جميع سخطك"، وذلك أن الله إذا سخط بالعبد حلَّت به جميع المصائب وجميع الكوارث، ولذلك أرشدنا -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الدعوة الجامعة النافعة لننزع بها جميع سخط الله، فلا يسخط علينا في أموالنا وأولادنا وسائر ما وهبنا.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا | فأشفق على نفسه من غضب الله؛ فاستعاذ بالله من غضبه |
---|---|
ولقد كان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: " اللهم إنِّي أعوذ برضاك من سخطك.
22