وَذَكَرَ لَهُ أَذِيَّةَ الْحَجَّاجِ لَهُ ، فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ كِتَابَهُ حَصَلَ عِنْدَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ : وَيْلَكَ ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَصْلُحَ عَلَى يَدَيَّ أَحَدٌ | وقد رثا الإمامَ مالك كثيرٌ من الناس، منهم أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج بقوله: سقى الله جدثاً بالبقيع لمالك من المُزْن مرعادَ السحائب مبراقُ إمامٌ موطاه الذي طبَّقت به أقاليمُ في الدنيا فساحٌ وآفاقُ أقام به شرعَ النبي محمدٍ له حذرٌ من أن يُضام وإشفاقُ له سندٌ عالٍ صحيحٌ وهيبةٌ فللكل منه حين يرويه إطراقُ وأصحابه بالصدق تعلم كلَّهم وإنهم إن أنت ساءلت حُذَّاقُ ولو لم يكن إلا ابنُ إدريس وحده كفاه على أن السعادة أرزاقُ أخلاقه وصفاته قوة الحفظ كان الإمام مالك إذا استمع إلى شيء استمع إليه بحرص ووعاه وعياً تاماً، حتى إنه ليسمع نيفاً وأربعين حديثاً مرة واحدة، فيجيء في اليوم التالي ويُلقي على من استمعها منه، وهو ، أربعين حديثاً، مما يدل على قوة حفظه ووعيه، حتى قال له الزهري: «أنت من أوعية العلم، وإنك لنعم المستودَع للعلم» |
---|---|
وقال : «سمعت يقول: نظن أنه مالك بن أنس» | وأخرج عن أنه قال: «مالك أمير المؤمنين في الحديث»، وأخرج الغافقي عن أبي قلابة أنه قال: «كان مالك أحفظ أهل زمانه»، وأخرج عن ابن مهدي أنه قال: «ما رأيت أعقل من مالك» |
وكان لمالك أربعة أولاد هم: يحيى، ومحمد، وحماد، وفاطمة أم أبيها أو أم البنين.
24وقال شعبة ، عن موسى السنبلاني ، قلت لأنس : أنت آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : قد بقي قوم من الأعراب ، فأما من أصحابه فأنا آخر من بقي | ومهما كان حالُ أبيه من العلم ففي أعمامه وجَدِّه غناء، ويكفي مقامهم في العلم لتكون الأسرة من الأسر المشهورة بالعلم، كما كان أخو مالك وهو النضر بن أنس ملازماً للعلماء يتلقى عليهم ويأخذ عنهم |
---|---|
وقال الأوزاعي : حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر قال : قدم أنس على الوليد ، فقال له الوليد : ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر به الساعة؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنتم والساعة كهاتين ورواه عبد الرزاق بن عمر ، عن إسماعيل قال : قدم أنس على الوليد في سنة ثنتين وتسعين ، فذكره | جهاد أنس بن مالك لما شُرع الجهاد بعد الهجرة لم يكن أنس بن مالك في سنٍ يسمح له بالجهاد، ولم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمح للصغار بالمشاركة؛ لذلك لم يشارك أنس في غزوتي أُحد وبدر، ولكنه حضرهما كخادم للرسول، شارك أنس في حيث كان يبلغ من العمر الخامسة عشر وهذا العمر يؤهّله للاشتراك في الجهاد في سبيل الله، كما أنّه شارك في صلح الحديبة، وبايع تحت الشجرة، بالإضافة إلى ذلك شهد رضي الله عنه غزوة خيبر وشارك في حصارها والهجوم عليها، كذلك شارك في غزوة مؤتة، ولم ينقطع رضي الله عنه عن الجهاد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فشارك في حروب الردة والفتوحات الإسلامية في العراق وبلاد الشام |
وقال يوماً لجاريته: «من بالباب؟»، فلم تر إلا مالكاً، فرجعت فقالت: «ما ثم إلا ذاك الأشقر»، فقال: «ادعيه فذلك عالم الناس»، وكان مالك قد اتخذ تياناً محشواً للجلوس على باب ابن هرمز يتقي به برد حجر هناك.
17وَقَالَ صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : دَخَلَ عَلَيْنَا أَنَسٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَنَحْنُ فِي بَعْضِ أَبْيَاتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ فَقَالَ : مَهْ | قُلْتُ : فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ؟ قَالَ : فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ |
---|---|
إسلام أنس بن مالك وُلِد أنس بن مالك -رضي الله عنه- في الجاهليَّة قبل انتشار الإسلام، وقد كان محصوراً في مكَّة قبل هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومات أبوه بعد بقليلٍ بعد أن كان غاضباً من زوجته لإسلامها، فتولّت تربية ابنها أنس بعد موتِ أبيه، وكانت تُعلّمهُ الشهادتين، فعَقِلَها مُنذُ صِغره، وآمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون رؤيته، حتَّى جاء -صلى الله عليه وسلم- مهاجراً إلى المدينة، وكان إسلامهُ في صغره | قلت : الظاهر أنه إنما شهد ما بعد ذلك من المغازي |
وقال: «إذا جاء الأثر فمالك النجم»، وقال: «مالك وابن عيينة القرينان، لولاهما لذهب علم الحجاز»، وقال: «إذا جاءك الحديث عن مالك فشُدَّ يدك به»، وقال: «وكان مالك إذا شك في بعض الحديث طرحه كله».